Page 77 - web
P. 77

‫‪438‬‬  ‫المتفجـرات والأجسـام الناسـفة‪ ،‬بالإضافـة إلى‬         ‫فتوى جهاد الإحتطاب‪:‬‬                               ‫الصحـراء‪ ،‬أو فيمـا يرتبـط بمحـاولات تطويـع‬
     ‫البحـث عـن أسـاليب مبتكـرة وخطرية لتنفيـذ‬            ‫استباحة كل المنقولات‬                              ‫النـص الدينـي لشـرعنة عمليـات الاتجـار بالبشـر‬
     ‫العمليـات الإرهابيـة‪ ،‬مـن قبيـل افتعـال الحرائـق‬      ‫والممتلكات والأطفال‬                              ‫وخاصـة النسـاء والأطفـال واسترقاقهم وسـلب‬
     ‫في المناطـق الزراعيـة الكبرى‪ ،‬واسـتهداف طائـرات‬                                                        ‫الأمـوال والممتلـكات وتبييـض الأمـوال وغسـل‬
     ‫مدنيـة بمـواد متفجـرة‪ ،‬علاوة على الأهـداف‬              ‫والنساء والرجال الذين‬
     ‫الكلاسـيكية الأخـرى المتمثلـة في ضـرب المنشـآت‬       ‫يغنمهم المقاتل‪ ،‬سواء‬                                ‫العائـدات الإجراميـة وتمويـل الإرهاب‪...‬إلـخ‪.‬‬
     ‫السـياحية والمؤسسـات الأمنيـة والعسـكرية‪،‬‬          ‫عن طريق القتال أو بدونه‪،‬‬                            ‫وفي نفـس السـياق‪ ،‬راهـن تنظيـم داعـش‬
     ‫وكـذا اسـتهداف المصالـح والبعثـات الأجنبيـة‪.‬‬        ‫ودونما حاجة إلى اشتراط‬                             ‫الإرهابـي‪ ،‬مـن وراء هـذه الفتـوى التحريضيـة‪،‬‬
     ‫وعلى سبيل المثال على هذه المخاطر‪ ،‬فقد مكنت‬                                                             ‫على إضفـاء «الشـرعية الدينيـة» على العائـدات‬
     ‫العمليـات الأمنيـة التـي باشـرها المكتـب المركـزي‬      ‫التكليف المسبق من‬                               ‫الإجراميـة‪ ،‬لاسـيما عندمـا شـ ّدد على أن‬
     ‫للأبحـاث القضائيـة على ضـوء إجـراءات اليقظـة‬          ‫الإمام أو من ينوب عنه‬                            ‫متحصلات وعائدات هذا النوع من «القتال» هي‬
     ‫المعلوماتيـة على شـبكة الإنترنـت مـن توقيـف أزيـد‬                                                      ‫مـن أطيـب الكسـب الحلال! كمـا أنـه تط ّلـع أي ًضـا‬
     ‫مـن ‪« 100‬داعشي» ناشـط بالشـبكة العنكبوتيـة‬         ‫والحافلات‪ ،‬ومـع حـوادث إضـرام النـار في‬             ‫لاسـتثمار هـذه العائـدات الإجراميـة في عمليـات‬
                                                        ‫الغابـات‪ ،‬ومـع بلاغـات الاعتـداءات الجسـدية‬         ‫تمويـل الإرهـاب‪ ،‬بعدمـا أجـاز «للمحتطـب»‬
                      ‫خلال السـنتين الأخيرتين‪.‬‬          ‫العنيفـة‪ ،‬متـى كانـت هنـاك ظـروف ملابسـة‬            ‫إمكانيـة التطـوع بـ«غنيمتـه» لتمويـل «الجهـاد‬
     ‫أي ًضـا تطـرح الأنظمـة المعلوماتيـة تحد ًيـا‬       ‫أو مؤشـرات تـدل على إمكانيـة أن تكـون هـذه‬          ‫والمهاجريـن إلى تنظيـم داعـش»‪ .‬فالملاحظـات‬
     ‫معقـ ًدا أمـام السـلطات والمؤسسـات الأمنيـة‬        ‫الجرائـم ذات خلفيـة إرهابيـة أو متدثـرة بـرداء‬      ‫الأساسـية التـي تصـدح مـن ثنايـا هـذه الفتـوى‬
     ‫المكلفـة بمكافحـة الإرهـاب‪ ،‬يتمثـل في إشـكالية‬     ‫إسـاءة فهـم الديـن‪ .‬فقـد أوضحـت العمليـات‬           ‫التحريضيـة التـي أطلقهـا التنظيـم الإرهابـي هـي‬
     ‫الاسـتقطاب السـريع للذئـاب المنفـردة وأعضـاء‬       ‫الأمنية المنجزة في إطار مكافحة الإرهاب أن عد ًدا‬    ‫شـرعنة صـور الجريمـة المنظمـة عندمـا ترتكـب في‬
     ‫الخلايـا الإرهابيـة‪ .‬فمباشـرة بعـد عمليـة الدهـس‬   ‫مـن الخلايـا المتطرفـة راهنـت على سـرقة سـيارات‬     ‫إطـار مسـجى بـرداء الديـن‪ ،‬واسـتباحة العائـدات‬
     ‫التـي شـهدتها مدينـة نيـس الفرنسـية في ‪14‬‬          ‫وشـاحنات لاسـتعمالها إمـا في عمليـات الإرهـاب‬       ‫الإجراميـة واعتبارهـا كسـ ًبا حلا ًل يمكـن التطـوع‬
     ‫يوليـوز ‪ ،2016‬شـرعت وسـائل الإعلام الفرنسـية‬       ‫الفـردي بواسـطة الدهـس‪ ،‬مثلمـا وقـع في حـادث‬        ‫بـه لتمويـل عمليـات (القتـال)‪ ،‬فضل ًا على أنهـا‬
     ‫في الحديـث عـن بروفايـل جديـد للإرهابيين‬           ‫برلين بألمانيـا ونيـس بفرنسـا في سـنة ‪ ،2016‬أو‬      ‫تنطـوي على تحريـض صريـح لتقويـض الوضـع‬
     ‫التابعين للتنظيم الإرهابي (داعش)‪ .‬والسبب في‬        ‫لاسـتخدامها كسـيارات مفخخـة في عمليـات‬              ‫الأمنـي والاقتصـادي للـدول‪ ،‬عـن طريـق الدعـوة‬
     ‫هـذا التحـول‪ ،‬هـو أن كل التصريحـات والإفـادات‬      ‫التفجري عـن بعـد‪ .‬كمـا بينـت عمليـات مكافحـة‬        ‫المباشـرة للقيـام بأعمـال القتـل والعنـف والسـرقة‬
     ‫والشـهادات التـي حصلـت عليهـا المصالـح الأمنيـة‬    ‫الإرهـاب أن العديـد مـن الاعتـداءات الجسـدية‬        ‫وإضـرام النـار والاتجـار بالنسـاء والأطفـال وغيرهـا‬
     ‫والمؤسسـات الإعلاميـة مـن عائلـة المواطـن‬          ‫الخطرية والسـرقات العنيفـة كانـت بخلفيـة‬
     ‫التونسي الـذي ارتكـب تلـك العمليـة‪ ،‬وكـذا مـن‬      ‫إرهابيـة‪ ،‬وتـم تنفيذهـا في إطـار «التعزيـر والفـيء‬               ‫مـن الجرائـم المنظمـة والعنيفـة‪.‬‬
     ‫معارفه وزملائه‪ ،‬أجمعت على أنه كان يتعاطى‬           ‫والاسـتحلال»‪ ،‬ولـم تكـن نهائ ًيـا جرائـم للحـق‬      ‫وبلغـة الأرقـام التـي تؤكـد حجـم هـذه المخاطـر‬
     ‫المحظـورات والممنوعـات‪ ،‬وأنـه غري معـروف بأيـة‬     ‫العـام كمـا تـم التعاطـي معهـا في الوهلـة الأولى‪.‬‬   ‫الأمنيـة‪ ،‬فقـد تمكـن المكتـب المركـزي للأبحـاث‬
     ‫خلفيـة متطرفـة‪ ،‬وأن رحلتـه نحـو «الإرهـاب»‬         ‫وعلى صعيـد آخـر‪ ،‬تبرز تهديـدات أخـرى‬                ‫القضائيـة التابـع للمديريـة العامـة لمراقبـة‬
     ‫كانت مفاجئة للجميع‪ .‬في ذلك الوقت‪ ،‬سيشرع‬            ‫نتيجـة ارتبـاط الخطـر الإرهابـي بصـورة أخـرى‬        ‫التراب الوطنـي بالمملكـة المغربيـة (جهـاز مكافحـة‬
     ‫المحللـون والأمنيـون والإعلاميـون في الحديـث‬       ‫مـن صـور الجريمـة المنظمـة‪ ،‬وهـي الجريمـة‬           ‫الإرهـاب) منـذ تاريـخ إحداثـه في مـارس ‪ 2015‬مـن‬
     ‫عـن مفهـوم جديـد للتجنيـد يسـمى الاسـتقطاب‬         ‫السـيبرانية‪ .‬فقـد كشـفت المعلومـات الأمنيـة‬         ‫تفكيـك ‪ 84‬خليـة إرهابيـة‪ ،‬مـن بينهـا ‪ 78‬خليـة‬
     ‫السـريع (‪.)la Radicalisation accélérée‬‬             ‫بـروز فئـة واسـعة مـن المتطرفين الذيـن ينشـطون‬      ‫مرتبطـة بتنظيـم داعـش الإرهابـي‪ ،‬وسـت خلايـا‬
     ‫وهـذا المنعطـف المفاجـئ في عمليـة التجنيـد‬         ‫لحسـاب تنظيـم «داعـش» على شـبكة الإنترنـت‪،‬‬          ‫إرهابيـة كانـت تنشـط في اقتراف الجرائـم المنظمـة‬
     ‫والاسـتقطاب لحسـاب التنظيمـات الإرهابيـة‪،‬‬          ‫مهمتهـم الأساسـية هـي الترويـج والدعايـة‬            ‫والعنيفة في إطار ما يسـمى بالفيء والاسـتحلال‬
     ‫خصو ًصا داعش‪ ،‬سيطرح بدوره تحديات كبيرة‬             ‫وتوفري الـدروس والتمويـل اللازم لصناعـة‬
     ‫على كاهـل المؤسسـات والأجهـزة الأمنيـة‪ ،‬على‬                                                                                      ‫لأغـراض إرهابيـة‪.‬‬
     ‫اعتبـار أن هـذه الأخرية أصبحـت أمـام متطرفين‬                                                           ‫وعط ًفا على هذا الموضوع‪ ،‬لا بد من التأكيد على‬
     ‫غري مصنفين لديهـا‪ ،‬ومقبلين في أي وقـت على‬                                                              ‫أن مصالـح الأمـن العـام (الشـرطة عمو ًمـا) باتـت‬
                                                                                                            ‫مدعـوة للتعاطـي بحـذر شـديد ويقظـة عاليـة مـع‬
                                                                                                            ‫جميـع شـكايات سـرقة السـيارات والشـاحنات‬

     ‫‪77‬‬
   72   73   74   75   76   77   78   79   80   81   82